الثلاثاء، 11 سبتمبر 2018
الأحد، 9 سبتمبر 2018
غَالِيَهْ
غَالِيةُ
جَارِيَةٌ تُنَاهِزُ الْعَامَ التَّاسِعَ مِنْ عُمُرِهَا، مُنْذُ عَامَيْنِ وَهِي
تَعْتَزُّ بِمَظْهَرِهَا، وَتَعْتَنِي بِجَمَالِهَا، لَا تَزَالُ بَيْنَ
الْفَينَةِ وَالْفَينَةِ تَتْرُكُ مُسَاعَدَةَ أُمِّهَا وَتَنْسَلُّ إِلَى
الْمِرْآهْ، لِتَمْشُطَ شَعَرَهَا الْمَمْشُوطَ، وَتَضْفُرَهْ، فَطَوْرًا
جَدِيلَتَيْنِ وَطَوْرًا أَرْبَعَا، وَطَوْرًا تُعْجِلُهَا أُمُّهَا فَتُرْسِلُهُ
مُسْدَلَا، أَوْ تَأْخُذُهُ بِاللِّيِّ حَتَّى تَجْعَلَهُ عَقِيصَةً خَلْفَ
رَأْسِهَا.
رَأَى
أَخُوهَا رَيْحَانُ - الَّذِي
يَكْبُرُهَا بِعَامَيْنِ - ذَلِكَ مِنْهَا مِرَارًا
فَضَجِرْ، وَبَيْنَا هُوَ يَعْجَبُ فِي نَفْسِهِ مِنْ شَأْنِهَا، إِذْ نَادَتْهَا
أُمُّهَا - وَقَدْ كَانَتْ مُنْكَفِئَةً
عَلَى غَسْلِ الْآنِيةِ - فَقَالَتْ:
-
غَالِيَهْ ..
غَالِيَةُ يَا بُنَيَّتِي!
وَعِنْدَ
ذَلِكَ قَالَ رَيْحَانُ فِي دُعَابَهْ:
-
أَوَغَالِيَةُ
هِي؟ إِنِّي لَنَاعِسٌ إِنْ سَمَّيْتُهَا غَالِيَهْ!
قَالَتْ
أُمُّهُ فِي عَجَبْ:
-
فَمَنِ
ابْنَتِي وَيْحَكَ إِنْ لَمْ تَكُ غَالِيَهْ؟
-
كَانَتْ
غَالِيَةَ عَامَ أَوَّلْ، أَمَّا الْعَامَ فَلَهَا اسمٌ غَيْرُهْ!
قالَتْ
غَالِيَةُ فِي تَحَسُّبْ:
-
أَيَّ
اسْمٍ أَحْدَثْتَ لِيَ الْعَامَ يَا رَيْحَانَ رَيَاحِينْ؟
-
أَوَمَا
تَدْرِينْ؟ .. أَنْتِ الْعَامَ مُشْطٌ وَمِرْآهْ!
بَهِتَتْ
غَالِيَةُ وَاعْتَرَاهَا الْحَيَاءُ، أَنْ يَكُونَ أَخُوهَا الْفتَى قَدِ اطَّلَعَ
عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مِنهَا، وَأَنْ يَنْتَقِدَ مُكَاشَفَةً هَكَذَا أَمْرًا
هَوَ مِنْ خَصَائِصِ الْفَتَيَاتْ.
سَكَتَتْ
غَالِيَةُ فَمَا نبَسَتْ بِبِنْتِ شَفَهْ، وَأَمَّا رَيْحَانُ فَلَمْ يَكُ - وَهُوَ
غُلَامٌ حَدِيثُ السِّنِّ - يَدْرِي أَنْ قَوْلَهُ
سَيَبْلُغُ بِأُخْتِهِ مَا بَلَغْ، فَلَمَّا رَأَى رَيْحَانُ ذَلِكَ مِنْهَا
بَهِتَ هُوَ الْآخَرُ وَأَخَذَهُ مِثْلُ مَا أَخَذَ أُخْتَهُ مِنْ الْحَيَاءِ
وَالْحَرَجْ.
أَرَادَتْ
أُمُّ رَيْحَانَ أَنْ تُهَدِّئَ رَوْعَهُمَا فَقَالَتْ:
-
وَيْحَكَ
يَا رَيْحَانُ، لَا تَبْكَعَنَّ أُخْتَكَ بِأَسْمَائِكَ هَذِهْ.
ثُمَّ
تَوَلَّتْ عَنْ آَنِيَتِهَا بَغْتَةً - وَقَدْ
عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ عَنِ ابْنَيْهَا حَرَجَ هَذَا الْمَوْقِفِ إِلَّا
انْصِرَافُ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى شَأْنٍ آخَرْ -
فَتَوَجَّهَتْ إِلَى رَيْحَانَ قَائِلَةً بِصَوْتٍ مُعْجَلٍ جَادّْ:
-
رَيْحَانُ
أَدْرِكْ جَدَّتَكَ تَوَّا! .. أَدْرِكْهَا يَا
وَلَدِي فَإِنَّ لَهَا حَاجَاتٍ تُرِيدُكَ أَنْ تُعِينَهَا عَلَيهَا!
رَاعَ
رَيْحَانَ جِدُّ أُمِّهِ - وَكَانَ
فَتًى ذَا حَفْلَةٍ - فَانْسَرَبَ إِلَى دَارِ
جَدَّتِهِ مُهَرْوِلًا لَا يَلْوِي عَلَى شَيءْ، لِتَبْقَى الْأُمُّ وَحْدَهَا
مَعَ الْفَتَاهْ.
عِنْدَ
ذَلِكَ تَوَجَّهَتِ الْأُمُّ إِلَى آنِيَتِهَا وَهِي تَقُولْ:
-
تَعَالِي
يَا قُرَّةَ عَيْنِي، إِنَّ هَهُنَا أَعْمَالًا نُرِيدُ أَنْ نَفْرُغَ مِنْهَا ..
ثُمَّ
أَرْدَفَتْ بِصَوْتٍ مُشَجِّع:
-
مَنِ
النَّجِيبَةُ الَّتِي سَتَمْسَحُ لِأُمِّهَا ظَاهِر الْمَوْقِدْ؟
أَقْبَلَتْ
غَالِيَةُ وَهِيَ وَاجِمَةٌ وَقَالَتْ فِي خُفُوتْ:
-
سَأَمْسَحُهُ
يَا أُمَّاهُ رَيْثَمَا تَفْرُغِينَ مِنَ الْآنِيَهْ.
أَخَذَتْ
غَالِيَةُ الْجِعَالَةَ الَّتِي تَمْسَحُ بِهَا الْمَوْقِدْ، وَكَانَ فِي
الْمَطْبَخِ جِعَالَتَانْ، أَمَّا إِحْدَاهُمَا فَلِمَسْحِ الْمَوْقِدِ
وَالْخُوَانْ، وَهَذِهِ كَانَتْ تَتَعَرَّضُ لِلْمَاءِ وَالْمُنَظِّفَاتِ
وَتُغْسَلُ كُلَّ يَوْمْ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِلْإِمْسَاكِ بِالْقُدُورِ
السَّاخِنَةِ وَرَفْعِ أَطْبَاقِهَا، وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ تَبْقَى جَافَةً
إِلَّا مِنْ بَلَلِ مَاءٍ خَفِيفٍ، لَا يَلْبَثُ أَنْ يَجِفّْ، أَوْ يُصِيبُهَا
قَلِيلٌ مِنْ وَضَرِ طَبِيخٍ أَوْ مَرَقْ، فَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ هَذِهِ تُنْسَى
أَيَامًا فَلَا تُغْسَلُ حَتَّى تَعْرَفْ.
كَانَتِ
الْفَتَاةُ مَا تَزَالُ وَاجِمَةً وَأُمُّهَا تُحَاوِلُ بِالْحَدِيثِ أَنْ
تُخْرِجَهَا إِلَى شُعُورٍ آخَرَ، حَتَّى فَرَغَتْ الْأُمُّ مِنْ آنِيَتِهَا
فَقَالَتْ:
-
هَا
قَدْ فَرَغْتُ قَبْلَكِ يَا غَالِيَتِي، فَمَاذَا أَفْعَلُ رَيْثَمَا تَفْرُغِينَ
أَنْتْ؟ .. أَجَلْ! لَأَغْسِلَنَّ هَذِهِ
الْجِعَالَةَ الَّتِي نَسِيتُهَا حَتَّى عَرِفَتْ .. وَلَكِنْ أَخْبِرِينِي
يَا بُنَيَّتِي، مَا شَيْءٌ طَلَبْتِ إِلَيَ الْبَارِحَةَ أَنْ تُحَدِّثِينِي
فِيهِ إِذْ كُنْتُ مَشْغُولَةً عَنْكِ بِضُيُوفِنَا؟
هُنَا
لَمَعَتْ عَيْنَا غَالِيَةَ وَذَهَبَ عَنْهَا وُجُومُهَا، وَقَالَتْ فِي شَغَفْ:
-
أَجَلْ
يَا أُمَّاه! قُولِي لِأَبِي يَشْتَرِ لِي
سِوَارًا مِنْ ذَهَبٍ!!
كَانَ
عَجَبًا مِنَ الْأَمْرِ أَنَّهُ مَا إنْ تَقَشَّعَ الْوُجُومُ عَنْ الْجَارِيَةِ
حَتَّى اعْتَرَى أُمَّهَا، كَأَنَّمَا كَانَ الْوُجُومُ عَبَاءَةً لَمْ تُلْقِهَا
هَذِهِ إِلَّا لِتَتَجَلَّلَ بِهَا تِلْكْ، فَتَمْتَمَتِ الْأُمُّ قَائِلَهْ:
-
سِوَارًا
مِنْ ذَهَبْ .. وَهَلْ يُطِيقُ أَبُوكِ شِرَاءَ الذَّهَبْ؟!
-
لَعَلَّ
السِّوَارَ كَبِيرٌ وَغَالْ! إِذًا فَلْيَشْتَرِ لِي قُرْطًا صَغِيرًا يَنُوسُ فِي
أُذُنَيّْ!! أَوْ خَاتَمَ ذَهَبٍ تَزْدَانُ بِهِ إِصْبَعِي!!
-
لَعَلَّكِ
رَأَيْتِ حُلِيَّ الذَّهَبِ عَلَى بَنَاتِ ضُيُوفِنَا؟
-
أَجَلْ
يَا أُمَّاهْ!
قَالَتِ
الْأُمُّ فِي نَفْسِهَا: وَأَنَا أَيْضًا رَأَيْتُهُ
عَلَى أُمِّهِنَّ .. وَلَقَدْ أَخَذَنِي - عَلِمَ
اللهُ - مَا أَخَذَكْ .. بَارَكَ
اللهُ لَهُمْ فِي حُلِيِّهِمْ، لَيْتَهُمْ مَا لَبِسُوهُ أَمَامَ النَّاسْ.
قَطَعَتِ
الْبِنْتُ صَمْتَ أُمِّهَا ‑ وَهِيَ لَا تَدْرِي حَرَارَةَ ذَلِكَ
الصَّمْتِ - وَقَالَتْ تَسْتَعْجِلُ
رَدَّهَا:
-
فَلْيَشْتَرِ
لِي قُرْطًا صَغِيرًا يَنُوسُ فِي أُذُنَيّْ!! أَوْ خَاتَمَ ذَهَبٍ تَزْدَانُ بِهِ
إِصْبَعِي!!
تَمَاسَكَتِ
الْأُمُّ وَقَالَتْ:
-
لَا
تَسْأَلِي أَبَاكِ مَا لَا يُطِيقُ يَا صَغِيرَتِي!!
قَالَتِ
الْبِنْتُ وَهِيَ تُقَاوِمُ خَيْبَةَ الْأَمَلْ:
-
حَتَّى
الْقُرْطُ وَالْخَاتَمُ لَا يُطِيقُ شِرَاءَهُمَا أَبِي؟! فَلَوْلَا اشْتَرَى لِي - يَا
أُمَّاهُ - قِلَادَةً مِنْ فِضَّهْ!!
هَلْ هِيَ غَالِيَةٌ الْفِضَّةُ أَيْضَا؟!!
-
لَا
- يَا قُرَّةَ عَيْنِي -
لَا .. وَلَكِنَّ قُوتَنَا الضَّرُورِيَّ لَمْ يَدَعْ لِحُلِيِّنَا مَالَا!!
استَعْبَرَتِ
الْجَارَيَةُ وَقَدْ شَقَّ عَلَيْهَا مَا سَمِعَتْ، ..
وَهُوَ
كَانَ عَلَى أُمِّهَا أَشَقُّ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَصْبَرْ، لَقَدْ
أَثَارَتِ الْجَارَيَةُ فِي نَفْسِ أُمِّهَا حَاجَاتٍ تُجَلْجِلُ فِي صَدْرِهَا
مُنْذُ سِنِينْ، فَلَوْلَا الْإِيمَانُ لَمَا أَطَاقَتْ عَلَيْهَا صَبْرَا.
قَالَتِ
الْأُمُّ فِي يَقِينْ:
-
لَا
تَحْزَنِي يَا حَبِيبَتِي!! عَسَى اللهُ أَنْ يُوَسِّعَ فِي رِزْقِ أَبِيكْ!
أَخَذَتْ
أُمُّ رَيْحَانَ تُرَبِّتُ عَلَى رَأْسِ ابْنَتِهَا فِي حَنَانٍ وَتَرَؤُّمِ،
وَهِيَ تَضُمُّهُ إِلَى صَدْرِهَا، وَتُحَدِّقُ بِعَيْنَيْهَا فِي عَيْنَي
غَالِيَةَ، وَتَقُولُ بِصَوْتٍ رَخِيمٍ كَأَنَّمَا تَجْعَلُ الْكَلَامَ ضِمَادًا
تَأْسُو بِهِ جِرَاحَها:
-
وَاعْلَمِي
أَنَّ كُلَّ مَا لَا تَجِدِينَهُ فِي الدُّنْيَا، سَيُعْطِيكِ اللهُ خَيْرًا
مِنْهُ فِي الْجَنَّةِ .. إِنْ أَنْتِ آمَنْتِ بِاللهِ وَصَبَرْتْ ..
آهٍ يَا غَالِيَةُ لَوْ تَعْلَمِينَ جَمَالَكِ فِي الْجَنَّهْ .. إِنْ
الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَاءِ الْجَنَّةِ لَوِ اطَّلَعَتْ عَلَى الدُّنْيَا لَغَلَبَ
نُورُهَا نُورَ الشَّمْسِ والْقَمَرْ .. آهٍ يَا غَالِيَةُ لَوْ تَعْلَمِينَ
حُلِيَّكِ فِي الْجَنَّهْ!
عِنْدَمَا
قَلَصَ دَمْعُ الْفَتَاةِ أَرْسَلَتِ الْأُمُّ رَأْسَهَا، ثُمَّ أَرْدَفَتِ فِي
لَهْجَةِ إِنْكَارٍ حَادَّةٍ، أَفْعَمَتْهَا بِكُلِّ السُّرُورِ وَالنَّشَاطِ
اللَّذَيْنِ أَفَاضَا عَلَى قَلْبِهَا مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّهْ:
-
فَتَاهْ! ..
مَا رَأْيُكِ فِي أَسْوِرَةِ الْجَنَّهْ؟ .. أَلَا تُحِبِّينَ الْجَنَّةَ
وَأَسْوِرَتَهَا وَقَلَائِدَهَا .. وَأَقْرَاطَهَا وَخَوَاتِمَهَا؟!
تَنَهَّدَتْ
غَالِيَةُ فِي طُمَأْنِينَةٍ وَقَدْ أَشْرَقَ وَجْهُهَا وَقَالَتْ:
-
نِعِمَّا
هِيَ وَاللهِ يَا أُمَّاه! .. نِعِمَّا هِي!
تَنَفَّسَتْ
أُمُّ رَيْحَانَ الصُّعَدَاءَ وَهِيَ تَقُولُ بِنَبْرَةِ ارْتِيَاحْ:
-
إِي
وَاللهِ نِعِمَّا هِي!! وَهُنَالِكِ تَجِدِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ
سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرْ!!
تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ
الأربعاء، 5 سبتمبر 2018
كتابنا الجديد حول خلفيات منهجنا للفصحى
"ورغم انبهارنا بإنجازات أستاذنا
الدنان، وتقريظنا لعبقريته، واحتذائنا خطاه؛ فإن ذلك لا يمنعنا من نقد عطائه،
وتكميل إنجازاته العظيمة، التي لا يضير عظمتها النقد والتكميل، بل يدلان على
رسوخها لابتنائهما فوق قواعدها".
كتابنا الجديد حول خلفيات منهجنا للفصحى:
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
مقالة مهمة
الفصحى الدارجة .. زيادات وتنقيحات
بسم الله الرحمن الرحيم الفصحى الدارجة .. زيادات وتنقيحات الحمد لله!! لقد وفقني الله فعنيت بتعقب المُقابِلات الفصيحة للعبارات ...

-
"كيف حالك" في كلام الفصحاء إعداد: ا. عبد الله بن محمد بن بدير/ دبلومة اللغة العربية وآدابها، جامعة الأزهر/ معني بت...
-
** في العامية المصرية يستخدمون: " بَرْضُو / بَرْضَكْ "، لمعنى عام هو: أَيْضًا، بيد أنها غلب عليها سياق الاستنكار فتحملت في بعض ...