الثلاثاء، 28 فبراير 2017

أصل "برضو" ومعانيها في العامية المصرية

** في العامية المصرية يستخدمون: "بَرْضُو / بَرْضَكْ"، لمعنى عام هو: أَيْضًا، بيد أنها غلب عليها سياق الاستنكار فتحملت في بعض حالاتها معناه.
*وقال أحمد تيمور في معجمه الكبير (ج2 / 133): بَرْدُو : أو بَرْدُه ، وقد تفخم الدال حتى تقرب من الضاد . لعله : بأرضه ، أي لم يزل على حالته التي كان عليها. وفي الصعيد يقولون بدل بردو : بَصْلُه : أي بأصله. ا. هـ. وراجع: حوار مع تيمور.
*ولكننا هنا سنحاول تتبع استعمالاتها الوظيفية في الخطاب، وترجمة هذه الاستعمالات إلى الفصحى حيث يهمنا إعداد لغة فصحى بديلة؛ للغتنا الأم العامية التي عششت في ملكاتنا واستولت على أنفسنا.
يستخدمونها بمعنى "أيضا" فيقولون:
1. خُدْ دِي بَرْضُو!! ، المعنى: خُذْ هَذِهِ أَيْضًا!! ليس السياق ههنا سياق استنكار ولا معتبة.
2. كِدَا بَرْضُو/ كِدَا بَرْضَكْ؟!! ، المعنى: وَهَذَا أَيْضًا؟!! تقال في سياق المعتبة إنكارا على فعل ما لا يحسن.
3. أَنَا بَرْضُو!! ، المعنى: أَنَا أَيْضًا! تقال في سياق المطالبة بحقٍ أسوة بنظير. أو في السياق السابق، بمعنى: لست ممن يفعل به هذا.
4. أَنَا بَرْضُو اللَّي أَصَّرتْ؟؟! ، المعنى: أَأَنَا بَعْدَ كُلِّ هَذَا الَّذِي قَصَّرْتُْ؟؟! / أبَعْدَ كُلِّ هَذَا تَرَانِي مُقَصِّرًا؟؟! تقال في سياق المعتبة والتأنيب على هضم الحق. ولا يخفى ما في هذا السياق والذي قبله من معنى الاستنكار أيضا.
5. بَرْضُو مِشْ هَخَصْمَكْ! ، المعنى: مَعَ كُلِّ هَذَا لَنْ أُصَارِمَكْ! / وَإِنْ كَانَ هَذَا فَلَنْ أَهْجُرَكْ! تقال في سياق التحبب والتمسك بالصاحب وإن جار، ليس فيها ههنا شيء من معنى "أيضا" لكنها خلصت للاستبعاد المتفرع على معنى الاستنكار السابق، كأنه يقول: أيُعقل أن أهجرك؟

"دا" في العامية المصرية


1. تستخدم العامية المصرية للإشارة "دَا" وأخواتها: "دِي" و"دُول" وأحيانا "دَلَهُمْ" و"دَلَهُمَّتْ" و"دَلَهُمِّيتِي"، الثلاث بمعنى "دُول"، والأربع صالحات للمثنى والجمع العاقل مذكرا ومؤنثا، أما "دَا" فللمفرد المذكر عاقلا وغير عاقل، وأما "دِي" فللمفردة المؤنثة عاقلة وغير عاقلة، ولجمع غير العاقل.

يقولون:
هوَّ مِينْ دَا؟ ، المعنى: مَنْ هَذَا؟
هِيَّ مِينْ دِي؟ ، المعنى: مَنْ هَذِه؟
هُمَّ مِينْ دُول؟ ، المعنى: مَنْ هذان/ هاتان/ هؤلاء؟
2. وكثير ما يستخدمون "دَا" شأنية بمعنى: "إِنَّهُ" التي فيها ضمير الشأن، مثل:
دَا عَطْشَانْ، المعنى: إِنَّهُ عَطْشَانُ.
- كَتَبِ الْوَاجِبْ؟
- دَا لِسَّا بَادِئْ!
المعنى:
- كَتَبَ وَاجِبَهْ؟
- إِنَّهُ تَوًّا بَدَأْ!
دَا مِشْ زَيْ مَنْتَ فَاهِمْ! ، المعنى: الْأَمْرُ (الشأن) لَيْسَ كَذَلِكْ

"أمالْ" في العامية المصرية

يستخدم المصريون في عاميتهم هذه الكلمة "أَمَّالْ" ومنهم من يقول: "إِمَّالْ" لعدة معان متقاربة، منها:
1. الاستعجاب والتعجيب من الأشياء غير العادية بمعنى "فكيف"، مثل:
أَمَّالْ تِئُولِي إِيي عَالبَطَاطِسِ اللِّي بَئِتْ بِتَمَنْيَا جِنِيِي؟!! ، المعنى: فَكَيْفَ تَقُولِينَ فِي الْبَطَاطِسِ الَّتِي صَارَتْ بِثَمَانِيَةِ جُنَيْهَاتٍْ؟!!
2. الاستفهام الإنكاري لا بمعنى يخصها ولكن بمعنى أداة الاستفهام التي دخلت عليها، وإنما أفادت هي الإنكار والبعد، مثل:
أَمَّالْ اجِبْلِكْ مِنِينْ وَنَا بَئِيتْ عَالْحَدِيدَا؟!! ، المعنى: مِنْ أَيْنَ أَجْلِبُ لَكِ وَقَدْ تَرِبَتْ يَدِي؟ 
مِنِينْ: مِنْ أَيْنَ؟
ومثل:
أَمَّالْ اعْمِلِ إِيي يَعْنِي؟!! ، المعنى: وَمَاذَا عَسَايَ أَنْ أَصْنَعُْ؟!!
3. الاستفهام الإنكاري بمعنى "مَا لـ"، مثل:
أَمَّالْ مَبِتْزَكِرْشِ لِيي وِنْتَا عَنْدَكِ امْتِحَانِ الْإِسْبُعْدَا؟!! مَا لَكَ لَا تُذَاكِرُ وَعِنْدَكَ اخْتِبَارٌ هَذَا الْأُسْبُوعَْ؟!!
1. الاستفهام الإنكاري بمعنى "مَا بَالـ"، مثل:
أَمَّالْ طَئِيتَكْ فِينْ؟!! ، المعنى: مَا بَالُ قَلَنْسُوَتِكَ أَيْنَ هِي؟!!

"مش" في العامية المصرية

العامة في مصر يستخدمون "مِشْ" مجموعة ومفروقة لوظيفة النفي، وسنحاول إلقاء بعض الضوء عليها في واقعها الآن في العامية المصرية، وفي أصلها الفصيح.
مِشْ: نفي، كأن أصلها: مَا شَيْءٌ، يدل على هذا تذوق الأمثلة الواردة في 2، و3، فإنها وإن كانت أمثلة لـ"مِشْ" المفروقة إلا إنها هي هي المجموعة بدليل لهجة الشرقية، فإنهم يقولون في: مَفِيهَاشْ حَاجَا!! ونحوها: مِشْ فِيهَا حَاجَا!!
1. تقول العامة في مصر:
دَا مِشْ وَأْتِ اللِّعْبْ! ، المعنى: هَذَا لَيْسَ وَقْتَ اللَّعِبِْ! حلت محل (لَيْسَ).
مِشْ أُلْتِلَكْ؟! ، المعنى: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ؟!، حلت محل (لَمْ).
2. ويفرقونها ويجعلون المنفي بينها، فتكون لنفي الجنس يقولون:
مَفِيهَاشْ!! ، المعنى: مَا فِيهَا شَيْءْ!
3. والأكثر في هذا تفريغ الشين عن معناها، فتكون لعموم النفي، حيث تسمعهم يقولون:
مَجَاشْ! ، المعنى: لَمْ يَجِئْ! حلت محل (لَمْ).
مَفِيهَاشْ حَاجَا!! ، المعنى: مَا فِيهَا شَيْءْ! حلت محل (مَا).
مَأَلْشِ وَلَا كِلْمَا!! ، المعنى: لَمْ يَنْبِثْ بِبِنْتِ شَفَة! حلت محل (لَمْ).
مَؤُلْتِلِيشْ! ، المعنى: مَا قُلْتَ لِي! حلت محل (مَا).
مَخَلَصْتِشِ الْوَاجِبْ؟! ، المعنى: أَلَمَّا تُنْهِ وَاجِبَكْ؟! حلت محل (لَمَّا).
4. وينفون بغير "مِشْ" أيضا، يقولون:
لَا شُفْنَا وَلَا رَئِينَا، إِلَّا عَالنَّبِي صَلِّينَا!! ، المعنى: مَا رَأَيْنَا وَلَا سَمِعْنَا! لَكِنْ نُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ! يقال هذا من أتقيائهم إذا حضروا مجلس غيبة.
ويقولون:
لَا تْؤُلِّي وَلَا أُلَّكْ! ، المعنى: لَا كلام بيننا! يقال هذا لمن فعل ما يستوجب عليه الهجر.

"بالعِنيا" في العامية المصرية

بالعِنْيَا: معناها التعمد، ترد في سياق العمل غير اللائق الذي يريد صاحبه أن يعتذر منه _أو يريد الناس أن يعتذروا له منه_ بأنه جرى على غير عمد، ففي هذا السياق يرد الخصم مؤكدا أن الفعل وقع بقصد وتعمد فيقول:
دَا عَمَلْهَا بالعِنْيَا، المعنى: فَعَلَهَا مُتَعَمِّدًا!
دَا انْتَ عَامِلْهَا بِالْعِنْيَا، المعنى: فَعَلْتَهَا مُتَعَمِّدًا!
ثم تستخدم الكلمة في سياقات أخرى لمعان اصطلاحية أخرى كالانتصاف من التهديد؛ كأن يمنع الأقوى ضعيفا من أحد حوقه مهددا ومتوعدا، مثل المنع من الطعام فيقول المستضعف:
طَبْ بِالْعِنْيَا فِيكْ هَاكُلْ، المعنى: لآكُلَنَّ رَغْمًا عَنْكْ!

"شاف" في العامية المصرية

شَافَ: رَأَى بِعَينِهِ= مَشُفْتِشْ حَاجَا!
شَافَ: رَأَى بِرَأْيِهِ= زَّيّ مَتْشُوفي!
شَافَ: عَلِمَ= شُفْتُو اللِّي حَصَل!
شَافَ: بَحَثَ= شُوفْ بَشَاوْرا عَشَانْ تِمسَحِ السَّبُّورَا!
شَافَ: لَاقَى، عَانَى، قَاسَى= دَا انَا اللِّي شُفْتُو مَحَدِّشْ شَافُو!

"آبلني" في العامية المصرية

**آبِلْنِي: آبِلْ الأصل قَابَلَ من المُقابلة، غيروا القاف همزا، واللفظ صالح للمعنى، وإن كان المستعمل في عصر الاحتجاج اللقاء لا المقابلة.
وذلك مثل:
آبِلْنِي. المعنى: لَقِيَنِي.
آبِلْنِي امْبَارِحْ. المعنى: لَقِيَنِي أَمْسْ!
آبِلْنِي بِيهُمْ. المعنى: الْقَنِي بِهِمْ، قال في: عمدة القاري (20/ 58): قَوْله: (فَقَالَ القني بِهِ) أَي: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لعَمْرو بن الْعَاصِ: القني بِهِ أَي: بِعَبْد الله، والقني مُشْتَقّ من اللِّقَاء. وَالْمعْنَى: اجْتَمِعَا عِنْدِي.
* ثم يستخدم الفعل في سياقات أخرى لمعان اصطلاحية أخرى كالاستبعاد والتعجيز ، وذلك مثل:
ابْئُوا آبْلُونِي انْ نِجِحْتُوا. المعنى: إِذَا شَابَ الْغُرَابُ سَتَنْجَحُونَ.
وقد يقال: عايْزِين تِنْجَحُوا من غِيرْ مِزَاكْرِا؟! ابْئُوا آبْلُونِي انْ نِجِحْتُوا!! وفي ترجمة هذا نقول شعرا:
تُرَجُّونَ النَّجَاحَ بِغَيْرِ كَدٍّ
*** إِذَا شَابَ الْغُرَابُ سَتَنْجَحُونَا

"خلى" في العامية المصرية

** خَلَّى: فعل عربي تصرفت فيه العامة، خلَّى يُخَلِّي تَخْلِيَةً: تَرَكَ وسَيَّبَ، يَتْرُكُ، يَدَعُ. ومنه: أنتِ خَلِيَّةٌ طَالِق. المعنى: سيبتكِ من عقد الزواج الذي بيننا.
مثل:
خَلِّيي يِعْمِلِ اللِّي هُوَّ عَايْزُو. المعنى: دَعْهُ يَفْعَلْ مَا يَشَاءْ!
خَلِّي كُلّ حَاجَا زَيّ مَا هِيَّا. المعنى: دَعِ الْأُمُورَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهْ!
* وكما أن دعني أو اتركني تأتي للاستئذان والالتماس فكذلك تأتي خليني.
مثل:
خَلِّينِي اءُولْ تَعْلِيئْ بَسِيطْ. المعنى: دَعْنِي أُعَلِّقْ مُوجِزًا!
* ويتطور المعنى إلى الإبقاء والحفظ؛ لأن من تركه الله وسيبه من تسليط الموت عليه إلى حين فقد حفظه.
وذلك مثل:
اللَّا يْخَلِّيكْ. المعنى: أَبْقَاكَ اللهْ/ أَطَالَ اللهُ بَقَاءَكْ.
رَبِّنَا يْخَلِّيهُولِكْ. المعنى: حَفِظَهُ اللهُ لَكْ.
* ومن الترك والتسييب أيضا يتطور المعنى إلى الانتباه؛ لأن من قلت له: "انتبه" فقد أمرته أن يترك الشواغل الأخرى.
وذلك مثل:
خَلِّيكْ مِعَايَا. المعنى: اتْرُكْ كُلَّ الشَّوَاغِلِ وَانْتَبِهْ إِلَيّْ! ولعل المعنى: ابْقَ مَعِي. فيكون من السابق.
خَلِّي بالَكْ مِلْعَجَلَا عَلَى مَصَلَّي. المعنى: انْتَبِهْ للدَّرَاجَةِ رَيْثَمَا أُصَلَّي!
* ثم من الترك والتسييب أيضا يصير المعنى إلى الجعل، وأصل ذلك في الفصحى؛ كقوله عزَّ وجل: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا } [الكهف: 99]، وقول النبي ÷: «رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً»[1]، وقوله: «أَنْ يُحْرِقُوهُ حَتَّى يَدَعُوهُ حُمَمًا»[2]، وكقول الشاعر [من الطويل]
وَرَبيتُهُ حَتَّى إِذَا مَا تَرَكْتُهُ

***
أَخَا القَوْم وَاستغْنَى عَنِ المسْحِ شَارِبُه
وذلك مثل:
خَلَّا رْأَبْتِي أَدِّ السِّمْسِمَا. المعنى: جَعَلَ عُنُقِي فِي قِصَرِ سِمْسِمَهْ/ أَخْزَانِي!
دِي حَه! عَايِزْ تَخَلِّيهَا خَه حُطّْ نُؤْطَا فُئِيهَا، عَايِزْ تَخَلِّيهَا جِيمْ حُطّْ نُؤْطَا تَحْتِيهَا. المعنى: هَذِهِ حَاءْ! تُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَهَا خَاءً تَضَعُ نُقْطَةً فَوْقَهَا، أَوْ جِيمًا تَضَعُ نُقْطَةً تَحْتَهَا!
* ثم يستخدم الفعل في سياقات أخرى لمعان اصطلاحية، وذلك مثل:
خَلِّيهُولَكْ! مِشْ عَايْزُو. المعنى: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهِ، أَنَا لَا أَبْغِيهِ.
خَلِّيهْ لِوَأْتِ عُوزَا. المعنى: اذْخَرْهُ لِوَقْتِ حَاجَةٍ.[3]



[1] صحيح مسلم (2865).
[2] مسند أحمد ط الرسالة (8040).
[3]  قال في: اللباب في علوم الكتاب (5/ 250): وقرأ الزهري ومجاهد وأبو السّمّال وأيوب السختياني «تَذْخَرُونَ» - بسكون الذَّال المعجمة، وفَتح الخاء جاءوا به مجرداً على فَعَل، يقال: ذَخَرته - أي: خبَّأته. ا. هـ. وقال في: الأزمنة والأمكنة (ص: 99): وذلك أنّ الذّخر ما يذخره الإنسان ويحرزه لنفسه وليوم حاجته، ويكون في الوقت كالمستغني عنه فيقال: أذخر هذا لطوارق الزّمان ونوائب الدهر والأيام. ا. هـ .

الاثنين، 27 فبراير 2017

"بلاشْ" في العامية المصرية

** بَلَاشْ: الأصل بِلَا شَيْءٍ. المعنى: بِلَا مُقَابِلٍ، مَجَّانًا، مثل:
1.    بِبَلَاشْ! ادَّاهُونِي ابَّلَاشْ: مَجَّانًا! أَعْطَانِيهِ مَجَّانًا!
2.    أَبُو بَلَاشْ كَتَّرْ مِنُّو: أَكْثِرْ مِمَّا لَا كُلْفَةَ عَلَيْكَ فِيهْ/ مَا كَانَ بِالْمَجَّانْ، فَأَتْرِعُوا مِنْهُ الْجِفَانْ!
3.    يَا بَلَاشْ: إِنَّهُ لَمَجَّانِيٌّ/ رَخِيصْ/ مَا أَرْخَصَهُ! بِاتْنِينْ جِنِيي بَسْ! يَا بَلَاشْ! بِجُنَيْهَيْنِ حَسْبٌ! إِنَّهُ لَمَجَّانِيٌّ!
* ويتطور المعنى إلى: لَا دَاعِيَ، لَا تَفْعَلْ، مثل:
1.    بَلَاشْ مَسْخَرَا: لَا دَاعِيَ لِإِسَاءَةِ الْأَدَبْ!
2.    بَلَاشْ مِيرْسِيي خَلِّيهَا جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا: لَا تَقُلْ: مِيرْسِيي، وَقُلْ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا.

الجمعة، 24 فبراير 2017

كلم أولادك بالفصحى (6)

قل: مَيْدَاة، ولا تقل: ماوس ولا فأرة
ابتنيتها من «اليد» على مثال «مفعَلَة» لكونها موضعا تكثر عليه الأيدي، كما قالوا: مَسْبَعَةٌ، ومَأْسَدَةٌ، ومَذْأَبَةٌ، لمكان كثرة السباع، والآساد، والذئاب. انظر: الكتاب لسيبويه (4/ أو: 94).
كذلك قالوا: مَفْعَاةٌ  للأرض التي تكثر فيها الأفاعي انظر: الأصول في النحو (3/ 148)، وهذا هو نظير ميداة المطابق لجريان الإعلال فيهما على نحو واحد؛ فاليد أصلها (يدي) والأفعى أصلها (فعو) قلبت الياء والواو ألفا في مثال «مفعَلَة» لتحركها طرفا وانفتاح ما قبلها.
وأما "فأرة" فهو ترجمة حرفية لـ (ماوس)، تنقل إلينا أجواء ثقافة مخالفة لثقافتنا؛ فثقافتنا ثقافة: "خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ " انظر: صحيح البخاري (4/ 129).
وثقافتهم ثقافة "ميكي ماوس" التي تُعايش الفئران منذ الطفولة.
لا جرم ففي حديث أبي هريرة ما أخرجه البخاري في صحيحه (4/ 128): عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا إِلَّا الفَارَ، إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ»، وفي لفظ صحيح مسلم (4/ 2294): «الْفَأْرَةُ مَسْخٌ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا لَبَنُ الْغَنَمِ فَتَشْرَبُهُ، وَيُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا لَبَنُ الْإِبِلِ فَلَا تَذُوقُهُ».
قال في: شرح النووي على مسلم (18/ 124): مَعْنَى هَذَا أَنَّ لُحُومَ الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا حُرِّمَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ دُونَ لُحُومِ الْغَنَمِ وَأَلْبَانِهَا فَدَلَّ بِامْتِنَاعِ الْفَأْرَةِ مِنْ لَبَنِ الْإِبِلِ دُونَ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّهَا مَسْخٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ا. هـ. 
فلعل هذا هو سبب ولاء القوم للفئران، وحفاوتهم بها!

الأربعاء، 22 فبراير 2017

مقدمة حول منهج الفصحى (1): تجديد الدنان

الفلسفة الفارقة بين مناهج الفصحى وبين مناهج تعليم اللغة العربية المعتادة

إن التعليم الصحيح للفصحى هو بجعلها لغةً لما نسميه نحن «الدرس السلوكي» ويسمونه هم "التواصل الوظيفي" أو "التغطيس"، حيث لا يسمح للمتعلم ولا لغيره من الموجودين في بيئة المدرسة باستخدام أي لغة سوى الفصحى، سواء كان ذلك في موضوع الدرس، أم في أي شأن يعرض من شئون الدراسة، كامتداح ولد لنجابته وحفز آخر لغفلته، أم في أي حاجة من حاجات الحياة كالحاجة إلى الماء أو الخلاء أو فتح النافذة أو إيقاد المصباح، أو في أي حدث يقع كضياع الطلاسة أو انقطاع الكهرباء هلم جرا، دون السماح باستخدام أي لغة أخرى عامية أو غيرها.
مما يدفع المتعلم إلى حفز قدراته كلها للتعلم ليستطيع التعبير عن حاجاته، والتفاهم والتفاعل مع أعضاء المجتمع التعليمي.
وسواء كان ذلك من الطلاب أم من المعلمين أم من الإدارة والعمال.
إذا نحن هنا أمام منهج يعتمد اللغة العربية لغة حياة وليست لغة نص يدرس وتستخرج منه القواعد من غير مراعاة أن تكون هناك علاقة للغة شرح النص ذاته - فضلا عن لغة الحياة داخل المدرسة باللغة العربية الفصحى، وإنما هي العامية الفِجة! كما نرى في مناهج تعليم اللغة العربية المعتادة.
ونشير هنا إلى ما فصلناه في بحثنا المطول «خطوط في خطة الفصحى» - والذي لا يزال تحت الإعداد- من عزو هذه الفلسفة التجديدية لعبد الله بن مصطفى الدنان، وتقريظنا لمحاسنها، ونقدنا -تحت عنوان «نقد الدنان»- لجوانب القصور الشديدة التي شابت تجربته لها، وكيف يعمل منهجنا للفصحى على تكميل نظرية الدنان بما يؤهلها للوفاء بتعليم لغة عصر التنزيل.

ملخص نقدنا للدنان

ويتلخص نقدنا لأستاذنا الدنان في اقتصاره على الجانب النحوي من اللغة، فهو يحتفل فقط بإعراب الكلمة في جملتها بما يقتضيه موقعها، مما أدى إلى قصور في جوانب أخرى كجانب قواعد الوقف والوصل مثلا.
وننقده أيضا في اقتصاره على عربية العصر الحديث، بغرض تأهيل الطفل لعربية الكتاب المدرسي، مما أخل بسائر جوانب لغة عصر التنزيل، فلم يُعن مثلا بأساليب اللغة ذكرا وحذفا وتقديما وتأخيرا هلم جرا. مثل: يبين الله لكم أن تضلوا.
ولم يُعن أيضًا بالعبارات الوظيفية التي تؤدي وظيفة تفاهمية معينة في الخطاب الدارج، مثل: أن كان ذا مال وبنين، ثكلتك أمك، واثكل أمياه، لا فض فوك.
ولم يُعن أيضًا بالتعابير الاصطلاحية كالأمثال والكنايات الشائعة لدى أهل عصر التنزيل، مثل: سقط في أيديهم، أخرجا ما تصرران.
ولم يُعن أيضًا بإحياء معانٍ لغوية أماتها المعاصرون، كمعنى اللام في: وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه. ومعنى من في: ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون.
كما لم يُعن أيضًا بتسمية الأشياء المستجدة التي يكثر وجودها حول الطفل بأسماء عربية، ولم يلفت إلى أهمية ذلك، مثل البسكويت، الآيس كريم، الشوكولاتة، الشيبسي، الكاراتيه، الكيك، البازل، البمبز، الكوتشي، الشبشب، البرمودا، الفستان، البلوزا، التوكا، الشامبو، البانيو، الدش، الشاشة، الريموت، الريسيفر، الفيلم، اللاب، الأيباد، الكاميرا، الألبوم، هلم جرا.
وهي أشياء ذات أسماء أعجمية كما ترى، وهي ذات كثرة كاثرة، ولا بد من دخولها في أحاديثنا التعليمية مع الطفل، مما يسهم في تعليمه عربية مشوهة، أو سقيه لبنا مغشوشا كما يعبر الدنان.

#مقدمة_حول_منهج_الفصحى

الثلاثاء، 21 فبراير 2017

كلم أولادك بالفصحى (ماما زمانها جيا)

إذا كنت ترجو لطفلك أن يلامس أمر الله ورسوله شغاف قلبه على نحو ما كان يلامس شغاف قلوب الصحابة رضي الله عنهم، وأن يفهم الوحي ببراعة كبراعة الإمام الشافعي رحمه الله؛ فعليك أن تحدث ولدك بالفصحى، فصحى عصر التنزيل.
وإن من أصعب ما أنت ملاق في تحديث أبنائك بالفصحى هو ترجمة الجمل المسكوكة، والعبارات الوظيفية، وسائر النصوص الاصطلاحية من عاميتك إلى نظيرها من الفصحى.
الأمر الذي قد يجعلك تستعيض عنها: إما بالترجمة الحرفية بما يجعلها تشبه الشرح المعجمي الجاف؛ كمن استبدل الأغنية العامية "مَامَا زَمَانْهَا جَيَّا" بالفصحى: "أمك لعلها تأتي بعد قليل"!! لكنك لا تجد طلاوة العبارة الأصلية في هذه الترجمة.
وكذلك مثلا: "إِيي رَأْيَكْ فِي الْفِطَارْ النَّهَارْدَا؟" فيقابلونها بـ "ما رأيك في الإفطار اليوم؟". لكنك لا تجد هنا العبارة الوظيفية لعصر التنزيل، والتي كانوا يستفهمون بها عن الرأي (ستأتي إن شاء الله).
وإما بأن تخلي كلامك تماما من النصوص المسكوكة مما يفقد حديثك يسره وعذوبته، وقد أحصيت مواضع من ذلك على رجل يعدّ علما من أعلام اللغة والأدب، كيف لا وهو أديب روائي وعضو من أعضاء مجمع اللغة، ألا وهو "محمود تيمور" وذلك في ترجمته لرواياته العامية إلى الفصحى، وقد كان عجيبا أن الرجل يبدو كما لو كان لا يدرك كنه كلام الشخص الذي يترجم له، مع أنه كان يترجم عامية نفسه إلى فصحاها! مثلا قال بالعامية في ص 108من رواية "المخبأ رقم 13": (مِشْ كُنْتِ تِحْمِي عَمَّكِ الشِّيخْ؟ إِخْصْ عَلِيكْ)، وترجمها بكل تساهل مخل في ص 24: (لماذا لم تدفع عن عمك الشيخ؟)!! أين "إِخْصْ عَلِيكْ"؟؟
وعلى كلٍّ فالواجب عند ترجمة النصوص الاصطلاحية أن نستحضر -ما استطعنا- المقابل الفصيح الذي يؤدي في لغة عصر التنزيل الوظيفة اللغوية المقابلة أو المقاربة لتلك التي يؤديها النص العامي، ولأن ذلك لا يتأتى على هذا النحو المثالي دائما فلنكن واقعيين ولنقل: إن ذلك يكون على مدرجتين:
1- إما بذكر المقابل الفصيح الذي كان يستخدم في عصر التنزيل ليؤدي في الخطاب الوظيفة التي يؤديها النص العامي، مثلا:
"إِخْصْ عَلِيكْ" تقابل بـ "ويحك".
"إِيي رَأْيَكْ فِي الْفِطَارْ النَّهَارْدَا؟" تقابل بـ "كيف تقول في الغداء اليوم؟" فإنهم هكذا كانوا يقولون "كيف تقول في ...؟" .
2- ترجمة النص الاصطلاحي -عند فقد المقابل الفصيح- إلى ما يؤدي معناه، مع شرط مهم وهو: إصلاح اللفظ، وتهذيب الجرس الكلي للنص بما يجعله ذا طلاوة ووجازة تناسب روح النصوص المسكوكة.
مثلا: "أَبُو بَلَاشْ كَتَّرْ مِنُّو!" تقابل بـ "إِنْ كَانَ بِالْمَجَّانِ([1])، فَأَتْرِعِ الْجِفَانْ!"
وكذلك إنشادهم لطفل المهد: مَامَا زَمَنْهَا جَيَّا ... إلخ، قل لطفلك بدلا من ذلك:
أُمِّي أُمِّي! تَعَالَيْ لِي!!


***

تَعَالَيْ لِي!! أَيَا أُمِّي!!

أُمِّي أُمِّي! أَنَا أَبْكِي!!


***

لِكَيْ تَأْتِي!! فَلَمْ تَأْتِي!!

أُمِّي أُمِّي! تَأَخَّرْتِي!!


***

فَهَلْ أَبْقَى!! كَذَا وَحْدِي!!
أُمِّي أُمِّي! عَسَاكِ الْآ


***

نَ أَنْ تَأْتِي!! أَيَا أُمِّي!!

عَسَاكِ الْآنَ أَنْ تَأْتِي!!


***

عَسَاكِ الْآنَ أَنْ تَأْتِي!!




([1])   قال في: مقاييس اللغة (5/ 299): الْمَجَّانُ، هُوَ عَطِيَّةُ الرَّجُلِ شَيْئًا بِلَا ثَمَنٍ. انتهى.

الاثنين، 20 فبراير 2017

كلم أولادك بالفصحى (شنطة العدة)

بسم الله الرحمن الرحيم
(4): كِنْفٌ [ج: كِنَفَةٌ] [=: حقيبة العتاد، شنطة العِدَّة]
قال في: تهذيب اللغة (1/ 166): الكِنْف تكون فِيهِ الأدوات ا. هـ.
وقال في: غريب الحديث للقاسم بن سلام (1/ 169): هُوَ وعَاء الأداة الَّتِي يعْمل بهَا ا. هـ.
وقال في: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأشياء (ص: 341): الكنف: وعاء أدوات الصانع ا. هـ.
ومنهم من خصها بأداة الراعي؛ قال في: معجم ديوان الأدب (1/ 190): الكِنْفُ: وعاءٌ تكونُ فيه أَداةُ الرّاعي ا. هـ.
لكن قال ابن منظور  في: لسان العرب (9/ 310): وَقِيلَ: الكِنْف وِعَاءٌ يَجْعَلُ فِيهِ الصَّائِغُ أَدواته، وَقِيلَ: الكِنْف الْوِعَاءُ الَّذِي يكْنُف مَا جُعل فِيهِ أَي يَحْفَظُهُ. والكِنْفُ أَيضاً: مِثْلُ العَيْبة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ ا. هـ.
وأما عن جمعه فما أفصح به أحد ممن اطلعنا على مصنفاتهم، وحتى لا نعجِز نستعين الله ونحاول أن نستوفي الجموع الممكنة ثم نختار منها أليقها، فنقول: يشبه أن يُجمع على: «أَكْنَافٌ» مثل «عذق» و«أعذاق»، أو على: «كِنَفَةٌ» مثل «قرد» و«قردة»، أو على: «كِنَافٌ» مثل «ذئب» و«ذئاب»، أو على: «كُنُوفٌ» مثل «حِمْل» و«حمول».
ولكننا لا نختار «أَكْنَافًا» لإفضائه إلى التباس «كِنْفٍ» بـ «كَنَفٍ» فإن «كَنَفًا» قد سار في الناس جمعه على «أَكْنَافٌ».
ولا نختار «كُنُوفًا» فإن «فُعُولًا» في «فِعْلٍ» قليل لا يسلُس، وقلما وجدت «فِعْلًا» مجموعا علي «فُعُولٍ» إلا وهو مجموع على غيره، فـ «أحمالٌ» أَشْيع في «حِمْلٍ» من «حُمُولٍ»، وكذا «أفيال» في «فيل» من «فيول»، و«ظلال» في «ظلّ» من «ظلول»، كل ذلك أشيع وأكثر وأسلس.
فلم يبق لنا إذا إلا «كِنَفَةٌ» و«كِنَافٌ».
ومن مظهر التوفيق أنني بعد أن وازنت هذه الموازنة وانتهيت إلى هذا الترجيح؛ وجدت أنهم جمعوا مرادفه «القِلْعَ» على «قِلَعَةٍ» و«قِلاعٌ» قالوا: والقِلْعُ: الكِنْفُ الّذِي يَجْعَلُ فِيهِ الرّاعِي أدَواتِه، لُغَةٌ فِي الفَتْحِ وَقد تَقَدَّمَ، ج قِلَعَةٌ كعِنَبَةٍ وقِلاعٌ أَيْضا ا. هـ.  انظر: تاج العروس (22/ 67).
كذا  جمعوا أيضا مرادفه: سِنْفٌ اسم لتلك الخرائطُ والأَوْعِيَةُ، ج: سِنْفٌ، بِالْكَسْرِ أَيضاً، جَمْعُ الجَمْعِ: سِنَفَةٌ، كَقِرَدَةٍ. انظر: تاج العروس (23/ 468).
ومما جاء هناك -في تاج العروس- من الـ «فِعْلِ» مجموعا على «فِعَلَةٍ»: الجِرْبُ القَرَاحُ وجَمْعُهُ جِرَبَةٌ.
والذِّرْبُ (بالكَسْرِ) كحِمْل شيْءٌ يكونُ فِي عُنُقِ الإِنْسَانِ أَو عُنُقِ الدَّابَّةِ مِثْلُ الحَصَاة، وجَمْعُهُ ذِرَبَةٌ.
والذِّيخ: من معانيه: القِنْوُ من النَّخلة، وجَمْعه ذِيَخَةٌ.
كذا: الإِيرُ: رِيحُ الجَنُوبِ، وجَمْعُه إِيَرَةٌ.
كذا: رجلٌ هِدْرٌ، بِالْكَسْرِ: ثَقيلٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَالْجمع هِدَرَةٌ.
والهِرّ، بِالْكَسْرِ: السِّنَّوْر، ج: هِرَرَةٌ.
كذا: الشِّرْص، بالكَسْر، هُوَ النَّزَعَةُ عِنْد الصُّدْغِ، ج، شِرَصَةٌ.
والسِّنْع والنِّسْع، بالكَسْر فيهمَا: الرُّسْغ، أَو هُوَ الحَزُّ الَّذِي فِي مَفْصِلِ الكَفِّ والذراع، ج: سِنَعَةٌ.
كذا: القِنْعُ مُفْرَدٌ، وجَمْعُه، قِنَعَةٌ.
والكِلْعُ أَيْضاً: الجافِى الهَيْئَةِ اللَّئِيمُ، ج: كِلَعَةٌ.
كذا: حِقْفٌ وحِقَفَةٌ جَمْعٌ، لَا جَمْعُ الجَمْعِ.
كذا: الظَّبْيُ أَوَّلُ مَا يُولَدُ طَلاً، ثمَّ خِشْفٌ، ج: خِشَفَةٌ.
والخِلْفَةُ: من معانيه نَبْتٌ يَنْبُتُ بَعْدَ نَبْتٍ قد تَهَشَّمَ، ج: خِلَفَةٌ.
كذا: الشِّظْفُ، بِالْكَسْرِ: يَابِسُ الْخُبْزِ، ج: شِظَفَةٌ.
كذا: الرِّطْلُ، بالفَتْحِ، والكَسْرِ: الغُلامُ الْقَضِيفُ، المُراهِقُ لِلاحْتِلام الَّذِي لم تَشْتَدَّ عِظَامُهُ وَلم تَسْتَحْكِمْ قُوَّتُهُ، والجَمْعُ: رِطَلَةٌ.


كل ذلك من تاج العروس فليراجع كل لفظ في مادته.

الخميس، 16 فبراير 2017

كلم أولادك بالفصحى (3)

الفيلم والتمثيلية

لا تقل: "فيلم" وقل: أُشْهُودَة، ولا تقل: "تمثيلية" وقل: أُشْهُودَةٌ مُسَلْسَلَةٌ، أو اختصر فقل:  مُسَلْسَلَةٌ فقط.
هذه تسميتنا نظرا للمعنى، مأخوذة من الفعل «شاهد»، ومبنية على صيغة «أُفْعُولَةٍ» كـ «أُحْدُوثَةٍ»، و«أُعْجُوبَةٍ»، و«أُسْطُورَةٍ»، و«أُلْعُوبَةٍ»، و«أُضْحُوكَةٍ»، و«أُغْنُوجَةٍ»، و«أُشْغُولَةٍ»، و«أُفْكُوهَةٍ»، و«أُغْرُودَةٍ»، و«أُغْلُوطَةٍ»، فالصيغة عريقة في الدلالة على معنى النص المتسق، ذي الترتيب والتداعي المخصوصين، والبداية والنهاية، ولكنها تتنوع دلالتها على هذا المعنى بناء على معنى المادة، فالأحرف الثلاثة التي توضع مكان الفاء والعين واللام من «أُفْعُولَةَ» هي التي تُبيِّن لنا نوع هذا النص، أهو نص مُعجب أم مُضحك أم فكاهي أم شاغل (درامي)، مسموع (أُغْرُودَة) أم معقول (أُغْلُوطَة)، وها نحن أولاء نضيف: النص المشاهد (أُشْهُودَة).
كما أن المادة أيضا هي التي تبين لنا آلة إنشاء هذا النص أتستقل بإنشائها لغة اللسان أو القلم كما في أغلبها، أم تأخذ بالنصيب الأوفى في إنشائه حركة الجسد كما في (أُلْعُوبَة)، و(أُغْنُوجَة)، فتكون تسميتُنا إياه نصًّا عند ذلك ضربًا من التجوز، والحقيقة أنه نسق، له ترتيب وتداعٍ مخصوصين، وذو بداية ونهاية.
والآلتين المذكورتين (لغة اللسان وحركة الجسد) تعملان معا فيما يسمونه الـ (ـفيلم)، وسميناه نحن الأشهودة.

الخميس، 9 فبراير 2017

إنسان الصحابة (الإنسان الفائق)

كانت الحضارات القديمة تحتفي بعلوم المادة وفلسفات العقول، فمن ثم كانت تقيم المنشآت الرائعة التي نرى منها الآن عجائب الدنيا السبع وغيرها، ومن الغريب أن أيًّا منها لم يقمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة رضي الله عنهم! فهل كان ذلك يعني قصورا في الرسالة السماوية؟؟!
بينما كان هؤلاء يصنعون ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصنع شيئا آخر، كان يصنع الإنسان ومجتمع الإنسان، ويعتني بعلوم القلوب وتطبيقاتها في الحياة، فمن ثَم كان يقيم الإنسان الفائق وينشئ المعاملات الصحيحة، ويتمم مكارم الأخلاق.
وعندما التقى المنتجان منتج الحضارات المادية ومنتج النبي صلى الله عليه وسلم كانت النتيجة مذهلة، أصحاب الحضارات التليدة والعلوم المتشعبة أعلنوا هزيمتهم الكاملة أمام الإنسان الفائق الذي أنتجه النبي صلى الله عليه وسلم!
في مصر مثلا كانت هناك عصارة سبع حضارات مثلت الحضارات العالمية تقريبا وهي:
1- الفراعنة (مصريون): 3200 - 1786 ق م ثُم 1560 - 525 ق م
2- الهكسوس (آسيويون كان لآلتهم العسكرية تفوق حضاري ملحوظ على آلة الفراعنة): 1786 - 1560 ق م
3- الإخمينيون (طور من الفرس الأوائل): 525 - 332 ق م
4- البطالمة (يونانيون): 332 - 30 ق م
5- الرومان: 30 ق م 324 م
6- البيزنط (طور من الرومان): 324 م - 621 م ثم 630 م 641 م
7- الساسانيون (طور من الفرس): 621 - 629 م
وكانت مكتبة الإسكندرية ومدرستها تمثلان مركز الإشعاع الثقافي في العالم، لقد راكمت الحضارات المتتالية في مصر خبرات ومعارف وعلوما سامقة تبلغ عنان السماء، لكنها ما لبثت أن اهتزت من داخلها، وركعت مذعنة عندما واجهت جلال وهيبة الإسلام، فما هو إلا أن تعرفت مصر على الإسلام حتى غيرت دينها لدين الإسلام، ولغتها للغة الإسلام، وثقافتها لثقافة الإسلام، وصارت هي مركز إشعاع الثقافة الإسلامية في العالم.إذًا ففتح الصحابة لمصر لم يكن مجرد نصر عسكري، بل كان نصرا حضاريا في الأساس؛ لأننا أمام حضارة هزمت حضارة، وحلت محلها في كل التفاصيل من أول الدين إلى اللغة إلى الثقافة إلى البنايات والعمائر.
ويمكننا فهم هذا الفرق إذا قارنّا حالة انتصار التتار البدو بحالة انتصار الصحابة البدو، وكيف أن التتار انتصروا عسكريا وانهزموا حضاريا، فقد دانوا بدين الشعوب التي انتصروا عليها وتكلموا بلغتهم.
وحتى الهكسوس أصحاب القسي المتطورة والآلة العسكرية المتفوقة على آلة الفراعنة مما يشي بتقدم حضاري، حتى هؤلاء حوروا دينهم ليتماشى مع دين المصريين وتماهوا مع ثقافتهم.
بل وحتى الاستعمار الأوروبي ذي التفوق الحضاري الملحوظ لم يستطع في حقبته المباشرة (العسكرية) أن يؤثر في البلاد التي فتحها تأثير الصحابة في البلاد التي فتحوها، فلم تترك الأمة دينها وهويتها لدين المستعمر وهويته لمجرد أنه انتصر عسكريا.
إذًا فهناك فرق بين النصر العسكري المحدود والنصر الحضاري الممتد، فالثاني لا بد أن تصحبه قوة ناعمة هائلة تؤدي إلى هزيمة العدو النفسية ودخوله طوعا في دين المنتصرين وحضارتهم، وهكذا كان نصر الصحابة رضي الله عنهم.
وقد حقق الاستعمار الغربي المعاصر في حقبته غير المباشرة (الناعمة) نجاحات مشابهة لنجاحات الصحابة بما يملكه هذا الاستعمار البغيض من آلة حضارية فائقة وبما يعمل عليه هو وعملاؤه المحليون من تزييفٍ للإسلام وتجهيلٍ للمسلمين بالإسلام الحقيقي.
ولكن ذلك التشابه الظاهري بين النصرين، نصر الصحابة ونصر الاستعمار المعاصر؛ ينطوي على اختلاف كبير بينهما في المضمون، وهذا ليس محل سرد الفرق بينهما ولكننا فقط نريد أن نشير إلى الجانب الإعجازي الذي يهمنا هنا، وهو أن الغرب حقق انتصاره الحضاري بما لديه من منجزات الحضارة المادية الهائلة، وأساليب القمع المبطن الملتوية والخادعة، فكيف حقق الصحابة نصرهم الحضاري الذي يعدّ أكبر وأعمق بكثير من نظيره الغربي، كيف حققوه بلا أي منجز حضاري تقريبا؟!
إنه الإنسان الفائق!!
الإنسان الذي لما رآه الأطباء والمهندسون والساسة والفلاسفة المصريون وعاملوه علموا أن معارفهم وعلومهم وفلسفاتهم وحضاراتهم التليدة فشلت طوال القرون في تحقيق نظيرٍ له، في عدله وإنصافه وصدقه وتجرده وزهده وإحسانه وتقواه، وفي يقينه برسالته في الحياة وتشميره لتأديتها، ونذره نفسَه للجهاد في سبيلها! فمن هنا انهزموا أمام ما رأوه!
لقد رأوا الواقع العملي المدهش لغاية الحضارة!! ألا وهي الإنسان الفائق الذي تتحقق في نفسه السعادة، وفي مجتمعه العدالة، وفي حضارته الاستقامة!الإنسان في أخلاقه الفائقة، وهمته العالية، ورسالته الراقية!
ومما مضى نستطيع فهم المرمى البعيد لقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (الجمعة: 2).
وقول رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ " مسند الإمام أحمد (8952) صحيح.
ونستطيع أن نعي كيف جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الدرجة العليا في سلم الإيمان للأخلاق: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» صحيح مسلم (2586).

مقالة مهمة

الفصحى الدارجة .. زيادات وتنقيحات

بسم الله الرحمن الرحيم الفصحى الدارجة .. زيادات وتنقيحات         الحمد لله!! لقد وفقني الله فعنيت بتعقب المُقابِلات الفصيحة للعبارات ...