الأربعاء، 22 فبراير 2017

مقدمة حول منهج الفصحى (1): تجديد الدنان

الفلسفة الفارقة بين مناهج الفصحى وبين مناهج تعليم اللغة العربية المعتادة

إن التعليم الصحيح للفصحى هو بجعلها لغةً لما نسميه نحن «الدرس السلوكي» ويسمونه هم "التواصل الوظيفي" أو "التغطيس"، حيث لا يسمح للمتعلم ولا لغيره من الموجودين في بيئة المدرسة باستخدام أي لغة سوى الفصحى، سواء كان ذلك في موضوع الدرس، أم في أي شأن يعرض من شئون الدراسة، كامتداح ولد لنجابته وحفز آخر لغفلته، أم في أي حاجة من حاجات الحياة كالحاجة إلى الماء أو الخلاء أو فتح النافذة أو إيقاد المصباح، أو في أي حدث يقع كضياع الطلاسة أو انقطاع الكهرباء هلم جرا، دون السماح باستخدام أي لغة أخرى عامية أو غيرها.
مما يدفع المتعلم إلى حفز قدراته كلها للتعلم ليستطيع التعبير عن حاجاته، والتفاهم والتفاعل مع أعضاء المجتمع التعليمي.
وسواء كان ذلك من الطلاب أم من المعلمين أم من الإدارة والعمال.
إذا نحن هنا أمام منهج يعتمد اللغة العربية لغة حياة وليست لغة نص يدرس وتستخرج منه القواعد من غير مراعاة أن تكون هناك علاقة للغة شرح النص ذاته - فضلا عن لغة الحياة داخل المدرسة باللغة العربية الفصحى، وإنما هي العامية الفِجة! كما نرى في مناهج تعليم اللغة العربية المعتادة.
ونشير هنا إلى ما فصلناه في بحثنا المطول «خطوط في خطة الفصحى» - والذي لا يزال تحت الإعداد- من عزو هذه الفلسفة التجديدية لعبد الله بن مصطفى الدنان، وتقريظنا لمحاسنها، ونقدنا -تحت عنوان «نقد الدنان»- لجوانب القصور الشديدة التي شابت تجربته لها، وكيف يعمل منهجنا للفصحى على تكميل نظرية الدنان بما يؤهلها للوفاء بتعليم لغة عصر التنزيل.

ملخص نقدنا للدنان

ويتلخص نقدنا لأستاذنا الدنان في اقتصاره على الجانب النحوي من اللغة، فهو يحتفل فقط بإعراب الكلمة في جملتها بما يقتضيه موقعها، مما أدى إلى قصور في جوانب أخرى كجانب قواعد الوقف والوصل مثلا.
وننقده أيضا في اقتصاره على عربية العصر الحديث، بغرض تأهيل الطفل لعربية الكتاب المدرسي، مما أخل بسائر جوانب لغة عصر التنزيل، فلم يُعن مثلا بأساليب اللغة ذكرا وحذفا وتقديما وتأخيرا هلم جرا. مثل: يبين الله لكم أن تضلوا.
ولم يُعن أيضًا بالعبارات الوظيفية التي تؤدي وظيفة تفاهمية معينة في الخطاب الدارج، مثل: أن كان ذا مال وبنين، ثكلتك أمك، واثكل أمياه، لا فض فوك.
ولم يُعن أيضًا بالتعابير الاصطلاحية كالأمثال والكنايات الشائعة لدى أهل عصر التنزيل، مثل: سقط في أيديهم، أخرجا ما تصرران.
ولم يُعن أيضًا بإحياء معانٍ لغوية أماتها المعاصرون، كمعنى اللام في: وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه. ومعنى من في: ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون.
كما لم يُعن أيضًا بتسمية الأشياء المستجدة التي يكثر وجودها حول الطفل بأسماء عربية، ولم يلفت إلى أهمية ذلك، مثل البسكويت، الآيس كريم، الشوكولاتة، الشيبسي، الكاراتيه، الكيك، البازل، البمبز، الكوتشي، الشبشب، البرمودا، الفستان، البلوزا، التوكا، الشامبو، البانيو، الدش، الشاشة، الريموت، الريسيفر، الفيلم، اللاب، الأيباد، الكاميرا، الألبوم، هلم جرا.
وهي أشياء ذات أسماء أعجمية كما ترى، وهي ذات كثرة كاثرة، ولا بد من دخولها في أحاديثنا التعليمية مع الطفل، مما يسهم في تعليمه عربية مشوهة، أو سقيه لبنا مغشوشا كما يعبر الدنان.

#مقدمة_حول_منهج_الفصحى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقالة مهمة

الفصحى الدارجة .. زيادات وتنقيحات

بسم الله الرحمن الرحيم الفصحى الدارجة .. زيادات وتنقيحات         الحمد لله!! لقد وفقني الله فعنيت بتعقب المُقابِلات الفصيحة للعبارات ...